جَبَلُ شَصْعًةَ ..عينُ محايلَ الحقيقيةُ!
بَلَدي يابَلَدي ...................(9)
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
- فالجبال على الأرض علامةٌ واضحةٌ من علامات الإيمان بالله تعالى وقدرته ، ودلالةٌ بينةٌ على حكمته سبحانه وتعالى وعظمته .
( وَإِلَى الجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) ﴿١٩ الغاشية﴾ - وهي ليست كذلك فحسب ، بل إن ذكرها في القرآن العظيم والسنة المطهرة ، يأتي أحيانا للاستعارة والاستفادة من صفاتها في ضخامتها ، وعلوها ،وكِبر حجمها وثباتها ...في كثير من شؤون الحياة المعنوية والمادية ، التربوية والاجتماعية والعسكرية ..بل والعاطفية .
" وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ " الرحمن (24). من التفسير : الأعلام / الجبال .
" وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبالُ " ابراهيم (46)
وكلم الله تعالى موسى عليه السلام من جبل الطور وأقسم به ( وَالطُّورِ (1)) . - " والنبي صلى الله عليه وسلم له مع الجبال شأنٌ ، ألم يتحنثْ - أي يتعبد - في غار حراء شمال مكةَ ، وينزل الوحي عليه فيه ( اقرأ ..) !؟
" ويختبئ في غار جبل ثور جنوباً( ...إِذْ هُمَا فِي الْغَارإِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ..)!؟
" وقال عن جبل أُحُدٍ في المدينة : (جبلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّهُ )برغم وقوع ما أصاب المسلمين من مُصابٍ في معركة أحد ! - وهكذا ...للجبال شأنها في أحداث الحياة وشؤونها ....وعلاقتها بإنسانها .
" ومنْ منّا لم يسمع بالمقولة الشهيرة لعمرَ رضي الله عنه : ياساريةَ الجبل ...فكانت النجاة !
وذُكرت الجبال في كلام العرب ، وحِكمِهم شعرا ونثرا ...يقول امرؤ القيس :
أَجارَتَنا إنَّ الخُطُوبَ تنوبُ
..... وإنِّي مُقيمٌ ما أقامَ (عَسِيْبُ)
أَجَارَتَنا إنَّا غريبانِ ههنا
...... وكُلُّ غريبٍ للغريبِ نَسِيْبُ .
" بل إن حضارات الشعوب تتحدث عن استغلالهم الجبالَ لتكوينِ حضارتهم ، وشؤون حياتهم قال الله عنهم :
( وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ) الشعراء (149).
" وكل من له جوارٌ بجبل ...يستفيد منه كهبةٍ طبيعية ربانيةٍ ، بل و يتخذَه مفخرةً .
" إنها صورٌ تعبر عن التفاعل الروحي والارتباط العاطفي بين الإنسان والمكان . - وانظر كيف استلهم سموُّ وليِّ العهد وفقه الله -ذلك عند مقولته الشهيرة ( الشعب السعودي كجبل طويق ...) فذهبت مثلا !!!
- " هذه الخواطر وغيرُها ... غَزَتْ مُخيِّلتي وأنا أنظر الى هذا الجبل (جبلِ شصعةَ (المهيب ) غدوةً وروحةً ، كما أيِّ شخص محايلي !
" أشعرُ وأنا أنظر إليه أنه يُكلمني ...يُناجيني...بل يُعاتبني ، يسائلُني ، سؤال الحب الحقيقي البريء ..
( مَ خطرتشْ على بالك يوم ...تسألْ عنّي )
" سؤالَ الحال ...الصامت ...لا المقال !
لكنه سؤالٌ .. ..عاطفيٌ ...استفزازيٌ ...شعرت بأنه موجهٌ لي ...ولكل محايلي ، خاصةً من يعرفون هذا الجبل ولهم حوله مدارجٌ !.
" كأنه يقول ( فين رايحين !؟) أراكم تجعلون (المطلّات ) ...هنا وهناك !...تجعلون عين محايل هناك حيث محايل الفرع وتتركون الأصل !عيناً عمياءَ خرساءَ ...وأنا عينكم الحقيقة الشاهدة الناطقة ! ؟ وع الأصل دوَّر !؟ - " فعزمت اليومَ أن أسألَ عنه ...أُسائِلَه...أستنطقَه ، ليبوح بأسراره الجميلة ....! كما حدثني عن شيء منها سعادة الدكتور الشيخ / حسن إبراهيم إدريس في حديث مقتضب عقيب زيارة سموِّ الأمير الخميس الفائت .
" وأنا لعلي أسترجعُ بعضَ ما أتذكرُه ...
" كان الآباء يصعدونه للحراسة والحماية ويصعدونه كمطلٍّ
" وربما صعده بعض الشباب وخاصة في رمضان قبل المغرب ..
" ويصعدونه للنزهة ...
" وكان النساء يصعدنه خاصة جزئَه الجنوبي ، يتفرجن على فعاليات المناسبات والعرضات ، والألعاب الشعبية التي يكون مكانها السوق / الساحة / (امظهرة )-( بحرى )
أو( امّخلوط )-( حجازى )
أو نادي الشهيد (جنوبا ) - " ولكن جبلَ شصعة بعُلوٍّه ،وتوسُّطِه مدينةَ محايل ، كان كغيره من الجبال ، مكوِّنا جغرافيا فارقاً في (الحرب ).
" وهذه القلاعُ في قمّته التي أظن أنها من مخلفات الغزو العثماني /التركي البغيض ، هي أيضا شاهدةٌ على مكانة الجبال في الحرب ، وهي أيضا شاهدة على طرد أولئك الغزاة ! - " هذا الجبل المهيب ، الذي يقف شامخا ...صامتا ، مهيبا ...متسائلا ..تقف أمامَه علامةُ استفهام؟ كبيرةً !
" يسألُ ..أعيانَ محايل وأهلَ محايل ، وبلديةَ محايل ، ونشامى محايل ....
وكأنه يقول :
" أعجزتم أن تقلدوني وساماً يزين (صدر الكرامة )!؟
أم عجزتم أن تزينوني بالسارية التي ترفع العلم السعودي / على قمة ( صدر الكرامة - كما سماها سمو أمير المنطقة وفقه الله ) فهنا لا هناك المركزُ ( والسنتر) ! وحولي نشأ أجدادُ وآباءُ أبناءِ محايل أبطال الحد الجنوبي وهنا التاريخ وهنا الجغرافيا الشاهدة على الثبات والعزة والكرامة ، هنا محايل وعين محايل الحقيقية التي لا تُنكَرُ أو تُتَجاهل ! ولا غيرها .
" أم عجزتم أن تزيلوا محيّايَ الوحشةَ ، والصمتَ والكآبة ...!؟ كما أزال عنه ذلك أهل ( الجبل الأخضر ) ؟!
" أقول : - أليس هو أولى بأن يكون مطلّا ، طبيعيا ، بطرق طبيعية جميلة وسهلة ، يسلكها كل الناس ... لا مطلاًّ - غيرَ شرعيِّ - لا تصعده إلا سيارات الطائشين المزعجين ....المفحطين !!
وأقول أيضا : - أعجز المعنيون أن يكون جبلُ شصعةَ مزاراً
ومعلما و ( عيناً) !؟ - أعجِز مهندسو البلدية ، وخبراؤها الفنيون والإداريون ، أن يسهلوا فيه مسالك ، وسلالم للصعود !
" أو يضعوا ما يسمى ب ( التلفريك) مرتبط بجواره من الجبال كجبل امقيصره !؟
" أليس بإمكانهم وضع جسور معلَّقة بين شصعة والمقيصرة تكون ممشىً - (جويَّا )إن صح التعبير -مميزاً ممتداً فوق الجبال ، ويسوّرُ ليغدو صورةً مصغرةً لسور الصين العظيم !؟ ولِمَ لا !؟
" وبإمكانهم وضع ممراتٍ / مدرجاتٍ ، يمكن أن يسلكها الناس متنقلين مشياً بين طرفي المدينة ( حجازى / بحرى ) بطريقة تجمع بين القديم والمعاصرة ، وتتحقق فيه أكثر من مصلحة ؟!
" أظنُّ أن ذلك لن يكلفهم عُشْرَ ما صُرف هنا وهناك ! كما قال بعض الإخوة معلقا على مشاريع البلدية : ( كالنخلة فيَّتُها (ظِلُّها )- للبعيد !
أعتقد أن بعض المدن تتمنى جبلا وسطها ، لتصنع منه معلماً ومزاراً.
• عذراً:
جبلُ شصعةَ سيبقى صامداً لن يستطيع أحدٌ اقتلاعَه ، وسيبقى شاهدا ، إما على الوفاء ، أو على النُّكران ، وفي الثانية سيبقى مشكلةً تولِّدُ مشكلاتٍ ، ولن يستطيع أحد - وليس من الصالح العام - تجاهُلَه!!!
" وأهلُ محايلَ أدرى وأحق بجبالها ! - " جبل شصعة يجب ألا يُنسى ...يجب ألاّ يُترك لمن لا يعرفه ، أو لا يحسن إدراكَ موقعهِ وتاريخهِ ومغزاه ..ويجب ألا يستبدلَ بالذي هو أدنى !؟
" جبل شصعة ... كغيره ...مكونٌ بيئيٌ جغرافيٌ تاريخيٌ ، وهبةٌ ربانيةٌ ...نعم ..لكننا نجد أن بيننا وبينه ارتباطٌ تاريخيٌ بطوليٌ اجتماعيٌ وعاطفيٌ رائعٌ ، يستحق الوفاء ، وهو جبلٌ ، نعم ... لكنه يُسبِّحُ اللهَ معنا بكرةً وأصيلا ! - في أي طَرَفٍ كنتم حول محايل ..ارفعوا أبصاركم جهة جبل شصعة ...فالنظر إلى الجبال يعلم أشياء كثيرة ...!
• وَمَنْ يتهيب صُعُودَ الجِبَـالِ ** يَعِشْ أبَدَ الدَهرِ بَيْنَ الحُفرْ
وإلى لقاءٍ آخر ، في بلدي .......10
وكتبه :
حسين بن حسن عبده آل هادي
محايل / ٢٥ / ٤ /١٤٤٢هـ