نتعايش و لا نتداعش!!
كانت بداياتنا التكوينية كنواة معجزة في نبضها المجهري
قائمة على الإختلاف والتفرق و الإنقسام الكروموسومي
الذي فاقم من حجمنا لنستوي بشراً سوياً
يعيش حالة تردد و نقاش دائم و نفس لوامة
و تغاير مستمر لفكره و همه و هدفه .." إن سعيكم لشتى "
عجباً لهذا الإختلاف الذي نراه في كل مكان وعبر كل صوره
ومع كل موجة صوتية تنازعها الضم و الفتح و الجر
و هي ذاتها الكلمة ولكن اختلفت مواقعها !!
عجباً
لذاك الغصن الرطيب يخالف عودٓه الأم ليبرز في اتجاه آخر
و استقلالية نوعية وإنتاج مختلف!
لذاك السرب من النحل الموحى إليه أن يخالف مجتمعه
فيطير لبيت جديد و عالمه الخاص و خلاياه المختلفة!
لذاك البنيان الذي تخالفت لبناته
ليزيد تماسكه و تفارقت خطوطه لنأمن سقوطه!
لذاك الطفل الذي كان يصلي بجواري في أول سني عمره و يلتصق بي خوفاً من الناس و إذا به يحرص على مكان مختلف وجملة مختلفة و رأي مختلف يسعد به والديه ؛ أنه بلغ من العمر درجة التفكير في طريقة أخرى من وجهة مختلفة !
لتلك الطبيعة المختلفة من جبل لسهل و من بر لبحر من طقس لطقس من لون للون يرسمنا في مقلة الجمال!
وليس كل اتفاق ممدوح كما أنه ليس كل خلاف مذموم !
فخلاف المفسرين أنتج تفاسير عدة
وخلاف المحديثين أنتج علماً أذهل المستشرقين
وخلاف الفقهاء جاء بالمذاهب الأربعة
لولا الخلاف ما رأينا شيئاً من ذلك
في عمق الخلاف نجدان و أكثر هي سر الجنة و النار
و الحسنات و السيئات و الاتباع و الابتداع
في صور من الخلاف المذموم الذي نهينا عنه في مسلماتنا الدينية ..
حمى الخلاف تعصف بعالمنا اليوم تحت مسميات سياسية و دينية
و عصبية عرقية أو مكانية تنزف منها مجتماعتنا ..
الكل يرى أنه على صواب و يبقى الخلاف رغم كل الدمار الزاحف
نحو واحات من الإستقرار و الجمال !!
لن تستطيع أن تطفئ نار الإختلاف بسلاحك و دمارك دون استيعابه ..
ولذلك جاءت مراكز الحوار الوطنية و لجان المناصحة و غيرها
لوأد بذرة الخلاف المذموم لدى العقول القاصرة
عن فهم كامل للخلاف الصحيح ..
كم يكوي الأكباد خلاف يفضي للقتل و النار و الدمار ؟!!
إقناعه عصبيته و سلاحه دم البشرية و أمنها و استقرارها ..
لماذا نجحت دول تعددت ولاياتها و أديانها و عرقياتهافي فهم حضارة الخلاف ؟!
و فشلنا في إقناع أجيال حوارها شتم و تهديد و قتل !!
الخلاف سنة كونية باقية !
كيف نستثمرها إبداعاً و ثقافة
ونصنع من خلافنا سلماً لنرقى لا لنشقى ..
لتكن رسالتنا تلك
فإذا لم أقنعك فلا تقطب حاجبيك
و إذا لم يعجبك كلامي فلا تترك السلام علي
و إذا خالفتك يوماً فاذكر أني وافقتك أياماً
دعنا نعيش سوياً ننعم بالأمن و الاستقرار و تبقى الآراء آراء ..
نتعايش و لا نتداعش
-------
قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}

.فيضمر ويبحث عن يسمع له ولو كان عدو متنكر في عباءة خطيب
ولكن بادب وذوق وليس بضحالة وعنصرية.....!!كما لا يخفى عليك............